روي لي أحد الشباب قصته حينما ركب الطائرة مسافراً ، وجاء نصيبه أن يكون مكانه إلي جانب فتاة متبرجة تلوح عليها مظاهر الجمال ، فخاف علي نفسه وأخذته التقوى والخشية ، وآثر البحث في مكان آخر ليجلس فيه ، ولكن الطائرة كانت ممتلئة وباءت محاولاته بالفشل.
، فما كان منه إلا أن أخذ مكانه واتقي الله واشتغل بقراءة الصحف ، وهو يدعو الله تعالي أن يصرف عنه الشرور والآثام ، وما هي إلا لحظات حتى وجد مضيف الطائرة فوق رأسه قائلاً : هل تسمح لحظة يا سيدي ، فأجابه الشاب وقام معه ، فما كان من المضيف إلا أن طلب إلي الشاب أن يجلس في أحد المقاعد الفارغة في الدرجة الأولي ، وهمس به : أليس هذا أفضل لك ؟!
جلس الشاب وجعل يردد في نفسه : ومن يتقي الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب .
إن ذلك الشاب قد استثمر تقواه وخوفه من الله تعالي فرزقه الله تعالي النجاة في المأزق ، وهكذا يجب أن نعلم أبناءنا الاستثمار ، ولئن كان الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم حض علي ممارسة التجارة والعمل بها فكذلك أمرنا أن نستثمر نفوسنا في تجارة مع الله تعالي ، قال عز وجل : يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون .
كما إن مجالات هذا الاستثمار في أبنائنا كثيرة ومتنوعة نذكر بعضاً منها :
1- علموا أبناءكم كيفية الاستفادة من التجارب السابقة والخبرات الماضية في التعامل مع الحاضر .
2- علموا أبناءكم كيفية استثمار أوقات اليوم ولحظاته ، بحيث لا ينقضي يومهم إلا وقد فيه شيئاً يميزه عن سابقه .
3- علموا أبناءكم كيفية استثمار اليوم التالي من خلال التخطيط والإعداد الجيد .
4- علموا أبناءكم كيفية استثمار حياتهم الدنيا استعداداً للحظة الموت ومفارقة الدنيا ومقابلة الآخرة .
5- علموا أبناءكم كيفية استثمار فرص الحياة التي تجعل آخرتهم نعيماً وخلوداً وظلاً ظليلاً ، وكتاباً باليمين ، وسرعة علي الصراط ، وحوضاً عظيماً والمزيد من رب كريم .
جمعنا الله وإياكم في مقال آخر لنبسط الحديث أكثر في معني الاستثمار الحقيقي مع الله عز وجل ، ولنتأمل في قوله صلي الله عليه وسلم : ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق